ستراقب أسواق العملات باهتمام شديد صدور قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، نظرا لتداعياتها المرتقبة على تحركات الدولار والعملات ومختلف السلع مثل الذهب، وكذلك، الأسهم الأمريكية والعملات الرقمية المختلفة وخاصة البيتكوين، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار داخل الفيدرالي الأمريكي وكيفية تأثيره على الأسواق:
أولا: البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:
منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال ديسمبر الماضي، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بتثبيت رفع الفائدة خلال اجتماع يناير الجاري.
وفي هذا السياق، أوضحت بيانات الإحصاء الأمريكية، إيجابية بيانات مؤشر التضخم الأمريكي خلال شهر ديسمبر الماضي، حيث تسارع نمو التضخم في البلاد بوتيرة أكبر من توقعات الأسواق. فوفقا للبيانات الواردة، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي السنوي نحو 3.4%، وهو أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لتسارعه إلى 3.2%، وكانت القراءة السابقة لمؤشر التضخم الأمريكي قد استقرت عند 3.1% خلال نوفمبر الماضي. وفي نفس الوقت، استقر معدل التضخم الأمريكي الأساسي (والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء)، عند مستوى 3.9% على أساس سنوي بنهاية ديسمبر الماضي، بأعلى من توقعات الأسواق التي رجحت تباطؤه إلى 3.8%، علما بأن القراءة السابقة استقرت عند مستوى 4.0% بنهاية نوفمبر الماضي.
وأيضا، أوضحت البيانات الصادرة إيجابية بيانات التوظيف الأمريكية خلال ديسمبر الماضي، حيث أضاف الاقتصاد نحو 216 ألف وظيفة، وهو ما جاء أفضل بكثير من التوقعات التي أشارت لإضافة الاقتصاد نحو 170 ألف وظيفة فقط. وأيضا، استقر معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية عند مستوى 3.7% خلال شهر ديسمبر، وهو أفضل من توقعات توقعات الأسواق التي ارتفاع البطالة بالولايات المتحدة عند 3.8%. هذا، كما ارتفع متوسط الأجور بالساعة بنسبة 0.4% على أساس شهري خلال ديسمبر الماضي، وهو أعلى من التوقعات التي أشارت لتسجيله 0.3%.
وفي الوقت ذاته، أوضحت البيانات الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي، بأن القراءة التقديرية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة قد سجلت نموا قويا فاق التوقعات خلال الربع الرابع من 2024. فوفقا للبيانات، فقد سجل الاقتصاد الأمريكي نموا في القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.3% خلال الربع الرابع، بالمقارنة مع الربع الثالث، وهو أفضل بكثير من توقعات الأسواق والتي أشارت إلى نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.0% فقط.
وفي ضوء ارتفاع وتيرة التضخم الأمريكي مجددا، وإيجابية بيانات سوق العمل، والنمو الاقتصاد الأمريكية خلال الفترة الماضية، فإن الفيدرالي الأمريكي على الأرجح لن يتعجل في اتخاذ قرار جديد حول الفائدة، وقد يبقي على الفائدة دون تغيير خلال اجتماع يناير الجاري، وسوف ينتظر صدور المزيد من البيانات الاقتصادية حتى يتخذ قرار بهذا الشأن.
ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:
خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من التصريحات من قبل أعضاء الفيدرالي الأمريكي والتي توضح بأن أعضاء الفيدرالي الأمريكي لديهم وجهات نظر متباينة حول السياسة النقدية ولكنهك أكدوا مرارا وتكرارا على خطورة خفض الفائدة بشكل مبكر للغاية، وفي هذا الإطار، أكد عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن ولاية شيكاغو، أوستان جولسبي، أثناء مقابلة صحفية،بأن الفيدرالي الأمريكي قد يعيد مناقشة قضية رفع أسعار الفائدة مجددا بالاجتماعات المقبلة إذا عكس التضخم مساره الحالي وحقق ارتفاعات خلال الأشهر القادمة، وأن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتم اتخاذها بناءا على البيانات الاقتصادية الواردة.
وأيضا، قال عضو الفيدرالي الأمريكي بولاية أتلانتا رافائيل بوستيك، بأن الفيدرالي الأمريكي يعتمد بشكل كبير على البيانات الاقتصادية، وأنه بحاجة إلى رؤية انخفاض التضخم بشكل جيد نحو الهدف المحدد له، قبل الدعوة إلى خفض أسعار الفائدة.
وفي الوقت ذاته، صرحت عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن ولاية سان فرانسيسكو، ماري دالي، بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يحتاج إلى إعادة التضخم إلى الهدف البالغ 2% بشكل متسق ومستدام، وأنه من السابق لأوانه التفكير في أن تخفيضات أسعار الفائدة قريبة جدا.
ثالثا: توقعات بعض البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي:
تشير معظم توقعات البنوك الكبرى إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيبقي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، وفي هذا السياق، كشف الاقتصاديون في بنك الاستثمار الأمريكي مورجان ستانلي عن توقعاتهم لتحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المقبلة بشأن أسعار الفائدة، وبهذا الشأن، قال المحللون بأنه من المتوقع أن تكون تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي بطيئة هذا العام. وفي سياق متصل، أوضح خبراء مورجان ستانلي بأن الفيدرالي الأمريكي يريد انخفاض التضخم أولا، حتى يبدأ في قرارات خفض أسعار الفائدة.
وكذلك، نشر بنك الاستثمار الفنلندي Nordea Bank تحليلا حذر فيه محللوه، الأسواق من خيبة أمل أخرى بشأن توقعاتهم، حيال قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في العام الحالي، وأشار اقتصاديو نورديا بنك إلى أن التعليقات الأخيرة الصادرة عن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي واستمرار البيانات الاقتصادية القوية قد تعني بأن الأسواق قد تضطر إلى الانتظار لفترة أطول حتى تستطيع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خفض أسعار الفائدة.
رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:
يتمثل السيناريو الأول لقرارات الفيدرالي الأمريكي في إبقاء البنك على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ولكن قد يتضمن بيان الفائدة، وكذلك، المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك جيروم باول، تلميحا قويا حيال انتهاء دورة التشديد النقدي الأمريكية مع هدوء وتيرة التضخم، وكذلك، بدء النقاشات حول موعد خفض الفائدة الأمريكية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير سلبي على تحركات الدولار وعلى العكس إيجابي على الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية.
بينما السيناريو الثاني، يتمثل في قيام الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير، وقد يتحدث بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي عن معاودة التضخم ارتفاعاته مجددا، وإيجابية بيانات سوق العمل والنمو الاقتصادي، وهو ما قد يدفع البنك إلى رفع الفائدة مجددا إذا ما استمرت هذه الأوضاع الاقتصادية، وهذا السيناريو إذا حدث، فقد نشاهد ارتفاعا قويا لمؤشر الدولار وانخفاض كل من الذهب والأسهم والعملات الرقمية المختلفة وخاصة البيتكوين.
اقرأ المزيد عن مصير الدولار يتوقف على قرارات الفيدرالي الأمريكي المنتظرة… السيناريو المتوقع! – مصدر الخبر
الأخبار التي تراها على هذا الموقع يتم جمعها من مواقع إخبارية موثوقة. ولذلك، يتم استخدام المصادر الأصلية قدر الإمكان.
Comments (0)