ستتابع أسواق العملات باهتمام شديد صدور قرارات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي غدا الأربعاء، بسبب التأثير القوي المتوقع لهذه القرارات على تحركات الأسواق وبخاصة على مؤشر الدولار ومعدن الذهب وأسواق الأسهم الأمريكية، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:
منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال سبتمبر الماضي، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بتثبيت رفع الفائدة خلال اجتماع نوفمبر الجاري.

وفي هذا الإطار، كشفت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، عن إيجابية بيانات مؤشر التضخم الأمريكي خلال شهر سبتمبر الماضي، فعلى أساس سنوي، سجل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي نحو 3.7%، بأعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لانخفاضه إلى 3.6%، وكانت القراءة السابقة لمؤشر التضخم الأمريكي قد سجلت نحو 3.7% خلال أغسطس الماضي. أما على أساس شهري، أوضحت البيانات نمو التضخم الأمريكي بنسبة 0.4%، بأعلى من توقعات الأسواق والتي أشارت إلى نمو المؤشر بنسبة 0.3% خلال نفس الفترة، بينما سجلت القراءة السابقة لبيانات التضخم الأمريكي الشهري نموا بنسبة 0.6% في أغسطس الماضي.

وعلى الجانب الاَخر، تباطأ معدل التضخم الأمريكي الأساسي – والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء – إلى 4.1% على أساس سنوي بنهاية سبتمبر الماضي، بما يتوافق مع توقعات الأسواق والتي أشارت لانخفاضه إلى مستوى 4.1% خلال نفس الفترة، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت نحو 4.3% بنهاية أغسطس الماضي. وعلى أساس شهري، أوضحت البيانات تسجيل التضخم الأمريكي الأساسي نموا بنسبة 0.3% لشهر سبتمبر، بما توافق أيضا مع توقعات الأسواق والقراءة السابقة والتي أشارت لنمو التضخم الأمريكي الأساسي بنسبة 0.3% في نفس الفترة.

وأيضا، أوضحت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي، تباين بيانات سوق العمل الأمريكي خلال سبتمبر الماضي، حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي بواقع 336 ألف وظيفة، وهو ما جاء أعلى بكثير من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاعه بنحو 171 ألف وظيفة فقط. وفي نفس الوقت، ظل معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية عند 3.8% خلال نفس الشهر، وهو ما جاء أسوأ من التوقعات التي كانت قد أشارت إلى انخفاض المؤشر إلى مستوى 3.7% ، بعدما كانت القراءة السابقة قد  أظهرت ارتفاعا مفاجئا لمعدل البطالة داخل الولايات المتحدة إلى 3.8% بأغسطس الماضي.

وفي ضوء صدور بيانات التضخم الإيجابية نوعا ما، وتباين أوضاع سوق العمل الأمريكي، فإن الفيدرالي الأمريكي قد لا يتسرع أيضا خلال هذا الاجتماع في رفع الفائدة مجددا وقد ينتظر صدور المزيد من البيانات قبل اتخاذ قرار جديد برفع الفائدة والذي قد يحدث في اجتماع ديسمبر المقبل.

عاجل… مؤشر التضخم الأمريكي إيجابي ويفاجأ أسواق العملات!

ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:
خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من التصريحات من قبل أعضاء الفيدرالي الأمريكي والتي توضح بأن أعضاء الفيدرالي الأمريكي لديهم وجهات نظر متباينة حول تشديد السياسة النقدية، أعرب عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، باتريك هاركر؛ عن استعداده لدعم المزيد من رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الامريكي ، إذا لزم الأمر. وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه يعتقد في الوقت الحالي أن معدلات الفائدة يجي أن تظل مرتفعة لفترة ممتدة، هذا كما أشاد بأحدث البيانات الاقتصادية قائلا؛ بأنها كانت أقوى قليلا مما كان يتوقعه. وأيضا؛ شدد هاركر على أنه من خلال موقف سياسي حازم وصبور، يجب أن يكون الفيدرالي الأمريكي قادر على ضمان الهبوط الناعم للاقتصاد.

ومن جانبه، قال عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفائيل بوستيك، بأنه لا يعتقد بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يقوم بخفض الفائدة قبل منتصف العام المقبل، مضيفا بأنه قد يكون أواخر عام 2024 وقتا مناسبا لاحتمالية أن يخفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة، وأن التضخم انخفض بشكل كبير ويجب أن يستمر في التراجع، وأنه يثق في قدرة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول السيطرة على التضخم داخل الولايات المتحدة.

بينما، أكدت تصريحات عضو الفيدرالي الأمريكي لوريتا ميستر، بأن الفيدرالي ينظر في الكثير من البيانات حول السياسة النقدية، بما في ذلك المعروض النقدي، وأنه  يجب أن يتم سحب الميزانية العمومية بغض النظر عن تحركات أسعار الفائدة، مضيفة بأنها لا تستطيع أن تقول على وجه اليقين بأن الفيدرالي الأرميكي وصل لذروة التشديد النقدي.

عضو الفيدرالي الأمريكي هاركر يطالب بعدم رفع الفائدة مجددا!

ثالثا: ما هي توقعات أهم البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي؟
تشير معظم توقعات البنوك الكبرى إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيبقي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، وفي هذا السياق، قدّم الاقتصاديون في Rabobank توقعات سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبهذا الشأن، رجح الاقتصاديون بأن يقوم الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة خلال اجتماع شهر ديسمبر وليس الاجتماع المقبل في 1 نوفمبر وسط حيادية تصريحات محافظ الفيدرالي باول الأخيرة.

وبدورهم، قدم الاقتصاديون في كوميرز بنك توقعاتهم لتأثير بيانات النمو الاقتصادي على خطوات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المقبلة. ومن هذا المنطلق، رجّح خبراء البنك الألماني بأن بيانات النمو الاقتصادي الأمريكي الصادرة مؤخرا لن تغير قرارات السياسة النقدية في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالأسبوع المقبل، حيث لا يزال من المتوقع أن يبقي الفيدرالي على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير.

وكذلك، أوضح الاقتصاديون في بنك TD Securities توقعاتهم لقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المقرر صدوره غدا الأربعاء، وتأثير القرار المرتقب على تحركات أسواق العملات وخصوصا الدولار الأمريكي. وفي هذا الصدد، توقع خبراء البنك الكندي بأن يحافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على مستويات الفائدة الحالية مع فتح الباب أمام المزيد من الزيادات المستقبلية إذا تطلب الأمر. وأشار المحللون إلى أن الأسواق تحاول معرفة الفروق الدقيقية بين خطاب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وإيجابية البيانات الاقتصادية والتشديد القوي للأوضاع المالية، حيث هناك تعارض واضح بين هذه المؤشرات وما تشير إليه بشأن خطوات الفيدرالي الأمريكي المقبلة بشأن سياسته النقدية.

بنك TDS يوضح توقعاته لقرار الفيدرالي الأمريكي وتأثيره على أداء الدولار

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:
تتمثل سيناريوهات قرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة غدا في هذه السيناريوهات، السيناريو الأول وهو المرجح حاليا، يتمثل في إبقاء الفيدرالي الأمريكي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ولكن قد يتضمن بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك تلميحا واضحا على أن الفيدرالي الأمريكي قد يرفع الفائدة مرة أخرى وربما قد يكون ذلك في اجتماع ديسمبر المقبل، بسبب استمرار الضغوط التضخمية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير إيجابي على تحركات الدولار، وسلبي على الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية.

السيناريو الثاني وغير المرجح حاليا، وهو قيام الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير، وقد يتحدث بيان الفائدة ومحافظ الفيدرالي الأمريكي عن بدء الضغوط التضخمية مؤخرا، وأنه لن يرفع الفائدة مجددا حتى تصدر المزيد من البيانات الاقتصادية التي تستدعي رفع الفائدة ، وهذا السيناريو سيكون له تأثير سلبي واضح على الدولار وإيجابي على الذهب والأسهم والعملات الرقمية، لأنه يعني اقتراب نهاية دورة تشديد السياسة النقدية الأمريكية.

اقرأ المزيد عن كيف يتحرك الدولار بعد صدور قرارات الفيدرالي الأمريكي؟… السيناريو المتوقع! – مصدر الخبر:https://www.arabictrader.com/ar/news/economy/156162

الأخبار التي تراها على هذا الموقع يتم جمعها من مواقع إخبارية موثوقة. ولذلك، يتم استخدام المصادر الأصلية قدر الإمكان.